ان العبادة بالنسبة للمعصوم تمتاز بأنه يعيش استشعار عظمة الرب تبارك و تعالى طيلة لحظات حياته و لا يلتفت الى ما يصرفه عن هذا الشعور و الاحساس، فالعبادة بالنسبة اليه تعتبر القاء روحى مع عالم الملكوت الاعلى و ارتياح مطلق فى الفكر و القلب و الروح فهو يعشق بالعبادة لا لأنها تدخله الجنة بل لأنها تجعله فى حالة خاصة لايعلمها الا الله سبحانه و لذلك روى انا الامام الحسن عليه السلام كان اذا توضأ ارتعدت مفاصله و اصفر لونه و لما سئل عن السبب، قال: حق على كلِّ من وقف بين يدى رب العرش ان يصفر لونه و ترتعد مفاصله و كان الحسن عليه السلام اذا انتهى من صلاة الفجر لايتكلم مع أحد بل يشغل بالتعقيبات و الدعاء حتى تطلع الشمس و هذا ما ورثه عن أمه الزهراء عليها السلام، و اما الحج فان الامام الحسن عليه السلام حج خمسة و عشرين حجة ما شياً على قدميه و كان يقول: انى لاستحى من ربى ان القاه و لم أمش الى بيته، و ناصف ماله فى الدنيا ثلاث مرات كان يتصدق بنصف جميع ما يملك فنلاحظ ان المعصوم عليه السلام يعلمنا امراً فى غاية الروعة و هو:
ان العبادة لا تعنى ان ينعظل الناس عن المجتمع.
و ان العبادة ليست مجرد طقوس دينية.
و ان العبادة لا تعنى التخلص من التكليف الشرعىّ.
بل العبادة تعنى ان يعيش الانسان الخوف من الله دائماً و لهذا اذا تعزز هذا الشعور فى ضمير الانسان فانه لا يظلم و لايسرق و لايكذب و لايرتكب الموبقات، و العبادة تعنى ان يعيش الآخرون معك فى فضل مالك فتتصدق الى الفقراء و المحتاجين.
و ان نؤدى العبادة عن وعى و ادراك و تواضع لله تبارك و تعالى و من السخافة ان يظن الانسان انه قد وصل ابلى مقام متميز ثم يمن على الله تعالى بعبادته، بل العبادة تعنى احتياج الانسان المطلق لهذا المد الالهى و الفيض الربانى.